من النار، هذا مقام الهارب إليك من النار.
اللهم وهذا يوم عرفة، كرمته وشرفته وفضلته وعظمته، نشرت فيه رحمتك ومننت فيه بعفوك، وأجزلت فيه عطيتك، وتفضلت فيه على عبادك، اللهم وهذه العشية من عشايا رحمتك ومنحك وإحدى أيام زلفتك، وليلة عيد من أعيادك، فيها يفضى إليك ما يهم من الحوائج من قصدك مؤملا راجيا فضلك طالبا معروفك الذي تمن به على من تشاء من خلقك وأنت فيها بكل لسان تدعى، ولكل خير تبتغى و ترجى، ولك فيها جوائز ومواهب وعطايا تمن بها على من تشاء من عبادك، و تشمل بها أهل العناية منك، وقد قصدناك مؤملين راجين، وأتيناك طالبين، نرجو ما لا خلف له من وعدك، ولا مترك له من عظيم أجرك، قد أبرزت ذوو الآمال إليك وجوهها المصونة، ومدوا إليك أكفهم طلبا لما عندك ليدركوا بذلك رضوانك يا غفار يا مستراش من نيله، ومستعاش من فضله، يا ملك في عظمته يا جبار في قوته يا لطيف في قدرته، يا متكفل يا رازق النعاب في عشه، يا أكرم مسؤول ويا خير مأمول ويا أجود من نزلت بفنائه الركائب، وطلب عنده نيل الرغائب، وأناخت به الوفود يا ذا الجود يا أعظم من كل مقصود، أنا عبدك الذي أمرتني فلم أئتمر، ونهيتني عن معصيتك وزجرتني فلم أنزجر فخالفت أمرك ونهيك، لا معاندة لك ولا استكبارا عليك، بل دعاني هواي واستزلني عدوك وعدوي، فأقدمت على ما فعلت عارفا بوعيدك، راجيا لعفوك، واثقا بتجاوزك وصفحك.
فيا أكرم من أقر له بالذنوب، ها أنا ذا بين يديك صاغرا ذليلا خاضعا خاشعا خائفا معترفا عظيم ذنوبي وخطاياي، فما أعظم ذنوب التي تحملتها وأوزاري التي اجترمتها، مستجيرا فيها بصفحك، لائذا برحمتك، موقنا أنه لا يجيرني منك مجير ولا يمنعني منك مانع، فعد علي بما تعود به على من اقترب من تغمدك، وجد على بما تجود به على من ألقى بيده إليك من عبادك، وامنن علي بما لا يتعاظمك أن تمن به على من أملك لغفرانك له يا كريم، ارحم صوت حزين يخفي ما سترت عن خلقك من مساويه، يسألك في هذه العشية رحمة تنجيه من كرب موقف المسألة