استرعاك من دينه (1) وما ألهمك من رشدك، وبصرك من أمر دينك بتفضيلك إياهم وبردك الأمور إليهم كتبت تسألني عن أمور كنت منها في تقية، ومن كتمانها في سعة، فلما انقضى سلطان الجبابرة وجاء سلطان ذي السلطان العظيم (2) بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العتاة على خالقهم (3) رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم، فاتق الله عز ذكره وخص بذلك الامر أهله، واحذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء أو حارشا عليهم (4) بإفشاء ما استودعتك، وإظهار ما استكتمتك، ولن تفعل إن شاء الله، إن أول ما أنهى إليك أني أنعى إليك نفسي في ليالي هذه، غير جازع ولا نادم ولا شاك فيما هو كائن مما قد قضى الله عز وجل وحتم، فاستمسك بعروة الدين - آل محمد - والعروة الوثقى، الوصي بعد الوصي، والمسالمة لهم، والرضا بما قالوا، ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك، ولا تحبن دينهم، فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، وتدري ما خانوا أماناتهم ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه ودلوا على ولاة الامر منهم فانصرفوا عنهم، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
(٣٣٠)