لك أن تتزوج بي فأغنيك عن هذه المسحاة وأدلك على خزائن الأرض فيكون لك الملك ما بقيت ولعقبك من بعدك؟ فقال لها: من أنت حتى أخطبك من أهلك فقالت:
أنا الدنيا قال لها: فارجعي واطلبي زوجا غيري [فلست من شأني]. وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول:
لقد خاب من عزته دنيا دنية * وما هي إن غرت قرونا بنائل أتتنا على زي العزيز بثينة * وزينتها في مثل تلك الشمائل فقلت لها: غري سواي فإنني * عزوف عن الدنيا فلست بجاهل وما أنا والدنيا فان محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل (1) وهبها أتتنا بالكنوز ودرها * وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرنا * ويطلب من خزانها بالطوائل (2) فغري سواي إنني غير راغب * بما فيك من ملك وعز ونائل فقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل فاني أخاف الله يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زائل " فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لاحد حتى لقى الله محمودا غير ملوم ولا مذموم. ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطخوا بشئ من بوائقها صلوات الله عليهم أجمعين وأحسن مثواهم.
وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة، وعن الصادق المصدق رسول الله فان أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتجافى عنك عز وجل بقدرته.
يا عبد الله إياك أن تخيف مؤمنا فان أبي محمد بن علي حدثني، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول: " من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها