الصادق عليه السلام عن هذا الصنف من الناس، فقال لهم: رحم منكوسة، يؤتى ولا يأتي. وما كانت هذه الخصلة في ولي الله تعالى أبدا قط، ولا تكون أبدا وإنما كانت في الفساق والكفار والناصب للطاهرين.
وكان أبو جهل بن هشام المخزومي من القوم، وكان أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله. قالوا: ولذلك قال له عتبة بن ربيعة يوم بدر:
يا مصفر أسته. [ثم قال ابن أبي الحديد:] ويغلب على ظني أنه [عليه السلام أراد] معنى آخر، وذلك أن عادة العرب أن تكني الإنسان إذا أرادت تعظيمه بما هو مظنة التعظيم، وإذا أرادت تحقيره [كنته] بما يستحقر ويستهان به، كقولهم في كنية يزيد بن معاوية لعنه الله: أبو زنة، يعنون القرد. وكقولهم في كنية سعيد بن حفص البخاري المحدث: أبو الفار. وكقولهم للطفيلي: أبو لقمة. وكقولهم لعبد الملك: أبو الذبان لبخره. وكقول ابن بسام لبعض الرؤساء:
فأنت لعمري أبو جعفر * ولكننا نحذف الفاء منه وقال أيضا:
لئيم درن الثوب * نظيف القصب والقدر أبو النتن أبو الدفر * أبو البعر أبو الجعر فلنجاسته بالذنوب والمعاصي، كناه أمير المؤمنين عليه السلام أبا وذحة.
ويمكن أن يكنيه بذلك لدمامته في نفسه، وحقارة منظره، وتشويه خلقته، فإنه كان دميما قصيرا سخيفا، أخفش العينين معوج الساقين قصير الساعدين، مجدور الوجه أصلع الرأس، فكناه بأحقر الأشياء وهو البعرة.
وقد روى قوم [هذه اللفظة بصيغة أخرى، قالوا]: " إيه أبا ودجة " قالوا:
[هي] واحدة الأوداج كناه بذلك، لأنه كان قتالا يقطع الأوداج بالسيف.
ورواه قوم " أبا وحرة " [بالراء المهملة] وهي دويبة تشبه الحرباء قصير الظهر، شبهه بها.