بيان:
روي أنه عليه السلام خطب بهذه الخطبة بعد فراغه من أمر الخوارج، بالنهروان فحمد الله وأثنى عليه وقال:
أما بعد فإن الله تعالى قد أحسن نصركم، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.
فقالوا له: قد نفدت نبالنا، وكلت سيوفنا، ارجع بنا إلى مصرنا لنصلح عدتنا، ولعل أمير المؤمنين يزيد في عددنا مثل من هلك منا لنستعين به.
فأجابهم: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) [21 / المائدة: 5]. فتلكأوا عليه وقالوا:
إن البرد شديد. فقال [لهم]: إنهم يجدون البرد كما تجدون، ثم تلا قوله تعالى (قالوا: يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) [22 / المائدة: 5].
فقام ناس منهم واعتذروا بكثرة الجراح في الناس، وطلبوا [منه] أن يرجع بهم إلى الكوفة أياما ثم يخرج [بهم].
فرجع بهم غير راض [بما اقترحوا] وأنزلهم النخيلة، وأمرهم أن يلزموا معسكرهم، ويقلوا زيارة أهلهم، فلم يقبلوا ودخلوا الكوفة حتى لم يبق معه إلا قليل، فلما رأى ذلك دخل الكوفة فخطب الناس فقال:
أيها الناس! استعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى الله، ودرك الوسيلة عنده، قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به، وجفاة عن الكتاب، نكب عن الدين، يعمهون في الطغيان، ويتسكعون في غمرة الضلالة، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل،