فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا. ثم سكت رجاء أن يجيبوه بشئ، فلما رأى صمتهم نزل وخرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة والناس يمشون خلفه، حتى أحاط به قوم من أشرافهم وقالوا: ترجع يا أمير المؤمنين ونحن نكفيك.
فقال: ما تكفوني ولا تكفون أنفسكم. فلم يزالوا به حتى ردوه إلى منزله.
فبعث سعيد بن قيس الهمداني في ثمانية آلاف في طلب سفيان، فخرج حتى انتهى إلى أداني أرض قنسرين ورجع.
وكان عليه السلام في ذلك الوقت عليلا لا يقوى على القيام في الناس بما يريده من القول، فجلس بباب السدة التي تصل إلى المسجد ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر، ودعا سعيدا مولاه فدفع إليه كتابا كتب فيه هذه الخطبة، وأمره أن يقرأه على الناس بحيث يسمع ويسمعونه.
وفي رواية المبرد أنه لما انتهى إليه ورود خيل معاوية الأنبار وقتل حسان، خرج مغضبا يجر رداءه حتى أتى النخيلة ومعه الناس ورقا رباوة من الأرض، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم ذكر الخطبة.
ولنرجع إلى الشرح والبيان:
قوله عليه السلام: " باب من أبواب الجنة " روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: للجنة باب يقال له باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون بسيوفهم والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم.
وفي الكافي: " لخاصة أوليائه، وسوغهم كرامة منه لهم، ونعمة ذخرها، والجهاد لباس التقوى " فقوله عليه السلام: " نعمة " عطف على " باب " أو على " كرامة ".
قوله عليه السلام: " وهو لباس التقوى " أي: به يتقى في الدنيا من غلبة