ومن كان معنا بصفين ثلاث ليال ونتوب إلى الله من أمر الحكمين ثم نسير إلى معاوية فنقاتله حتى يحكم الله بيننا وبينه فقال علي عليه السلام: فهلا قلتم هذا حين بعثنا الحكمين وأخذنا منهم العهد وأعطيناهموه ألا قلتم هذا حينئذ قالوا: كنا قد طالت الحرب علينا واشتد البأس وكثر الجراح وكل الكراع والسلاح!! فقال لهم: أفحين اشتد البأس عليكم عاهدتم فلما وجدتم الجمام قلتم ننقض العهد؟!! إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفي للمشركين بالعهد أفتأمرونني بنقضه؟
فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلى علي عليه السلام ولا يزال الآخر منهم يخرج من عند علي عليه السلام فدخل واحد منهم على علي عليه السلام بالمسجد والناس حوله فصاح: لا حكم إلا لله ولو كره المشركون فتلفت الناس فنادى: لا حكم إلا لله ولو كره المتلفتون!! فرفع علي عليه السلام رأسه إليه فقال: لا حكم إلا لله ولو كره أبو حسن فقال عليه السلام: إن أبا حسن لا يكره أن يكون الحكم لله ثم قال: حكم الله انتظر فيكم.
فقال له الناس: هلا ملت يا أمير المؤمنين على هؤلاء فأفنيتهم؟ فقال:
إنهم لا يفنون إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة.
قال: وروى أنس بن عياض المدني عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عن جده عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يوما يؤم الناس وهو يجهر بالقراءة فجهر ابن الكواء من خلفه: * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) * فلما جهر ابن الكواء من خلفه بها سكت علي عليه السلام فلما أنهاها ابن الكواء عاد علي عليه السلام فأتم قراءته فلما شرع علي عليه السلام في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك الآية فسكت علي عليه السلام فلم يزالا كذلك يسكت هذا ويقرأ ذاك مرارا حتى قرأ علي عليه السلام * (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * فسكت ابن الكواء وعاد علي عليه السلام إلى