ما جرى بينه وبين أهل صفين:
وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد ودعوتنا في الاسلام واحدة لا نستزيدهم في الايمان بالله والتصديق لرسوله صلى الله عليه وآله ولا يستزيدوننا الامر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء فقلنا: تعالوا نداوي مالا يدرك اليوم بإطفاء النائرة وتسكين العامة حتى يشتد الامر ويستجمع فتقوى على وضع الحق في مواضعه فقالوا: بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتى جنحت الحرب وركدت ووقدت نيرانها وحمشت فلما ضرستنا وإياهم ووضعت مخالبها فينا وفيهم أجابوا عند ذلك إلى الذي دعوناهم إليه فأجبناهم إلى ما دعوا وسارعناهم إلى ما طلبوا حتى استبانت عليهم الحجة وانقطعت منهم المعذرة فمن تم على ذلك منهم فهو الذي أنقذه الله من الهلكة ومن لج وتمادى فهو الراكس الذي ران الله على قلبه وصارت دائرة السوء على رأسه.
توضيح: قوله عليه السلام: " والقوم " عطف على الضمير في " التقينا " [قوله عليه السلام:] " والظاهر أن ربنا واحد ". قال ابن أبي الحديد: لم يحكم لأهل صفين بالاسلام بل بظاهره.
" ولا نستزيدهم " أي لا نطلب منهم زيادة في الايمان في الظاهر " حتى يشتد الامر " أي يستحكم بأن يتمهد قواعد الخلافة.
وقال الجوهري: جنوح الليل: إقباله. وركدت أي دامت وثبتت. ووقدت كوعدت أي اشتعلت. وحمشت أي استقرت وثبتت. وروى " واستحمشت " وهو أصح ذكره ابن أبي الحديد وقال: ومن رواها بالسين المهملة أراد اشتدت وصلبت.