فقال الحباب: يا أمير المؤمنين تشتري مني أيضا ديني. فأتمها وألحقه بالأحنف فلم يأت على الحباب أسبوع حتى مات ورد المال بعينه إلى معاوية فقال الفرزدق يرثي الحباب:
أتأكل ميراث الحباب ظلامة * وميراث حرب جامد لك ذائبه أبوك وعمي يا معاوية أورثا * تراثا فيختار التراث أقاربه ولو كان هذا الدين في جاهلية * عرفت من المولى القليل جلائبه ولو كان هذا الامر في غير ملككم * لأديته أو غص بالماء شاربه فكم من أب لي يا معاوية لم يكن * أبوك الذي من عبد شمس يقاربه إيضاح: قوله " في طول باع " قال السيد الداماد رحمه الله: الباع قدر مد اليدين وما بينهما من البدن وبسط اليد بالمال وطول الباع كناية عن المقدرة والميسرة والاقتدار والشوكة قاله [الزمخشري] في الفائق والأساس و [الفيروزآبادي ] وابن الأثير في] القاموس والنهاية وقال في الصحاح: الرحب بالضم: السعة تقول:
فلان رحب الصدر. والرحب بالفتح: الواسع تقول منه بلد رحب. وقال:
السرب بالفتح: الإبل. والسرب أيضا الطريق وفلان آمن في سربه - بالكسر - أي في نفسه. وفلان واسع السرب أي رخي البال.
وفي المغرب: السرب بالفتح في قولهم: خلى سربه أي طريقه ومنه قوله:
إذا كان مخلى السرب أي موسعا عليه غير مضيق عليه.
يعني أني لم أخذ لها وهي محتاجة إلى الانتصار بل خذلتها وهي في طول باع ورحب سرب أي في مندوحة وفسحة عن القتال وتجهيز الجيش بأن تقر في بيتها موقرة مكرمة رحبة الصدر رخية البال واسعة السرب لأنها لم تكن مأمورة بالمسير إلى البصرة وتجهيز الجيش والمطالبة بدم عثمان ومقاتلة علي بن أبي طالب على ذلك ولا مضطرة إلى شئ من ذلك بل كانت في سعة عن ذلك كله ومع ذلك فإنها كانت في طول باع من الشوكة والقدرة واجتماع الجيوش وكثرة الأعوان والأنصار والعدد والعدد.