الوقعة التي لم يكن في الاسلام أشنع منها ولا أفحش فشفي عند نفسه غليله وظن أنه قد انتقم من أولياء الله وبلغ الثار لأعداء الله فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل قول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله ولا يؤمن بالله وبما جاء من عنده.
ثم من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اجترم سفكه دم الحسين بن علي صلوات الله عليهما مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومكانه ومنزلته من الدين والفضل والشهادة له ولأخيه بسيادة شباب أهل الجنة اجتراءا على الله وكفرا بدينه وعداوة لرسوله ومجاهرة لعترته واستهانة لحرمته كأنما يقتل لعنه الله قوما من كفرة الترك والديلم لا يخاف من الله نقمة ولا يراقب منه سطوة [فبتر الله عمره] واجتث أصله وفرعه وسلبه ما تحت يده وأعد له من عذابه وعقوبته ما استحقه من الله بمعصيته.
هذا إلى ما كان من بني مروان من تبديل كتاب الله وتعطيل أحكام الله واتخاذ مال الله بينهم دولا وهدم بيت الله واستحلال حرامه ونصبهم المجانيق عليه ورميهم بالنيران إليه لا يألون إحراقا وإخرابا ولما حرم الله منه استباحة وانتهاكا ولمن لجأ إليه قتلا وتنكيلا ولمن آمنه الله به إخافة وتشريدا حتى إذا حقت عليهم كلمة العذاب واستحقوا من الله الانتقام وملأوا الأرض بالجور والعدوان وعموا عباد الله بالظلم والاقتسار وحلت عليهم السخط ونزلت بهم من الله السطوة أتاح الله لهم من عترة نبيه وأهل وراثته ومن استخلصه منهم لخلافته مثل ما أتاح من أسلافهم المؤمنين وآبائهم المجاهدين لأوائلهم الكافرين فسفك الله دماءهم مرتدين كما سفك بآبائهم دماء ابائهم مشركين وقطع الله دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين يا أيها الناس إن الله إنما أمر ليطاع ومثل ليتمثل وحكم ليفعل قال سبحانه * (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا) * [64 / الأحزاب: 33] وقال: