بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ٢٠٧
وكان ممن عانده وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الكثير والسواد الأعظم يتلقونه بالضرر والتثريب ويقصدونه بالأذى والتخويف وينابذونه بالعداوة وينصبون له المحاربة ويصدون عن قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه.
وكان أشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة أولهم في كل حرب ومناصبة ورأسهم في كل اجلاب وفتنة لا ترفع عن الاسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها أبا سفيان بن حرب صاحب أحد والخندق وغيرهما وأشياعه من بني أمية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله في مواطن عدة لسابق علم الله فيهم وماضي حكمه في أمرهم وكفرهم ونفاقهم فلم يزل لعنه الله يحارب مجاهدا ويدافع مكايدا ويجلب منابذا حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون فتعوذ بالاسلام غير - منطو عليه وأسر الكفر غير مقلع عنه فقبله وقبل ولده على علم منه بحاله وحالهم ثم أنزل الله تعالى كتابا فيما أنزله على رسوله يذكر فيه شأنهم (1) وهو

(١) هذا هو الصواب، وفي أصولي: " فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل بيت الدين [الذين " خ "] أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومعدن الحكمة... ". ومعلوم أن بني عباس من جدهم إلى المعتضد كاتب هذه الرسالة لم يكونوا على هذه الأوصاف وكان جدهم العباس وابنه حبر الأمة عبد الله لم يريا أنفسهم أهلا للخلافة ولا رآهم الناس أهلا لها، ولهذا قال العباس بعد وفاة النبي لعلي: هلم أبايعك...
وأيضا لم ير أبو بكر وعمر وعثمان للعباس وبنيه سهما في الخلافة.
وأما أحفاد العباس بل وكثير من أبنائه فكانوا أهل لهو وتورط في الشهوات ومعدن الرجس والقسوة والتوغل في ملاذ الدنيا والركون إليها وقد بلغوا أقصى حد الظلم والعدوان، وسير إجمالي في سيرة المنصور والرشيد والمتوكل يوضح ما أشرنا إليه كالشمس في رائعة النهار!! أهؤلاء أهل بيته الرحمة؟ فمن أهل بيت القسوة والجفوة؟ أهؤلاء أذهب الله عنهم الرجس؟ أهؤلاء معدن الحكمة؟ فمن معدن الجهالة والسفاهة؟ أهؤلاء ورثة النبوة وموضع الخلافة؟ فمن ورثة الطغيان والالحاد؟ وأي فضيلة كانت فيهم غير النسب، ونسب عمه أبي لهب كان أقرب من نسبهم ولم يفده شيئا، وكيف ألزم الله طاعتهم على العباد وكانوا طغى العباد، وأظلم الظالمين والله تعالى يقول: " لا ينال عهدي الظالمين ".
(1) هذا هو الظاهر المذكور في شرح ابن أبي الحديد، وفي أصلي من طبع الكمباني من البحار: " ثم أنزل الله تعالى كتابا فيما أنزل الله على رسوله فيهم شأنهم ".
وفي تاريخ الطبري: فمما لعنهم الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وأنزل به كتابا قوله: " والشجرة الملعونة في القران ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا " [60 / الاسراء: 17] ولا اختلاف بين أحد انه أراد بها بني أمية.
ومنه قول الرسول عليه السلام: وقد رآه مقبلا على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به: لعن الله القائد والراكب.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث عشر: باب شهادة عمار رضي الله عنه وظهور بغي الفئة الباغية بعد ما كان أبين من الشمس الضاحية وشهادة غيره من أتباع الأئمة الهادية 7
2 الباب الرابع عشر: باب ما ظهر من إعجازه عليه السلام في بلاد صفين وسائر ما وقع فيها من النوادر 39
3 الباب الخامس عشر: باب ما جرى بين معاوية وعمرو بن العاص في [التحامل على] علي عليه السلام 49
4 الباب السادس عشر: باب كتبه عليه السلام إلى معاوية واحتجاجاته عليه ومراسلاته إليه وإلى أصحابه 57
5 الباب السابع عشر: باب ما ورد في معاوية وعمرو بن العاص وأوليائهما وقد مضى بعضها في باب مثالب بني أمية 161
6 الباب الثامن عشر: باب ما جرى بينه عليه السلام وبين عمرو بن العاص لعنة الله وبعض أحواله 221
7 الباب التاسع عشر: باب نادر 233
8 الباب العشرون: باب نوادر الاحتجاج على معاوية 241
9 الباب الواحد والعشرون: باب بدو قصة التحكيم والحكمين وحكمهما بالجور رأي العين 297
10 الباب الثاني والعشرون: باب اخبار النبي صلى الله عليه وآله بقتال الخوارج وكفرهم 325
11 الباب الثالث والعشرون: باب قتال الخوارج واحتجاجاته صلوات الله عليه 343
12 الباب الرابع والعشرون: باب سائر ما جرى بينه وبين الخوارج سوى وقعة النهران 405
13 الباب الخامس والعشرون: باب إبطال مذهب الخوارج واحتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم عليهم 421
14 الباب السادس والعشرون: باب ما جرى بينه صلوات الله عليه وبين ابن اللواء وأضرابه لعنهم الله وحكم قتال الخوارج بعده عليه السلام 429
15 الباب السابع والعشرون: باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات الله عليه من قتال الخوارج 437
16 الباب الثامن والعشرون: باب سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه 441
17 الباب التاسع والعشرون: باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام ووصاياه إلى عماله وأمراء أجناده 465
18 أبواب الأمور والفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج 531
19 الباب الثلاثون: باب الفتن الحادثة بمصر وشهادة محمد بن أبي بكر ومالك الأشتر رضي الله عنهما وبعض فضائلهما وأحوالهما وعهود أمير المؤمنين عليه السلام إليهما 533