بالكوفة حتى أن الرجل من شيعة علي وممن بقي من أصحابه بالمدينة وغيرها ليأتيه من يثق به فيدخل بيته ثم يلقى عليه ستر فيخاف من خادمه ومملوكه فلا يحدثه حتى يأخذ [عليه] الايمان المغلظة ليكتمن عليه.
وجعل الامر لا يزداد إلا شدة وكثر عندهم عدوهم وأظهروا أحاديثهم الكاذبة في أصحابهم من الزور والبهتان فينشأ الناس على ذلك ولا يتعلمون إلا منهم ومضى على ذلك قضاتهم وولاتهم وفقهاؤهم.
وكان أعظم الناس في ذلك بلاء وفتنة القراء المراءون المتصنعون الذين يظهرون لهم الحزن والخشوع والنسك ويكذبون ويعلمون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويدنو لذلك مجالسهم ويصيبوا بذلك الأموال والقطائع والمنازل حتى صارت أحاديثهم تلك ورواياتهم في أيدي من يحسب أنها حق وأنها صدق فرووها وقبلوها وتعلموها وعلموها وأحبوا عليها وأبغضوا وصارت بأيدي الناس المتدينين الذين لا يستحلون الكذب ويبغضون عليه أهله فقبلوها وهم يرون أنها حق ولو علموا أنها باطل لم يرووها ولم يتدينوا بها.
فصار الحق في ذلك الزمان باطلا والباطل حقا والصدق كذبا والكذب صدقا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتشملنكم فتنة يربوا فيها الوليد وينشأ فيها الكبير تجري الناس عليها ويتخذونها سنة فإذا غير منها شئ قالوا أتى الناس منكرا غيرت السنة.
فلما مات الحسن بن علي عليهما السلام لم يزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان فلم يبق ولي لله إلا خائفا على دمه.
وفي رواية أخرى إلا خائفا على دمه أنه مقتول وإلا طريدا [وإلا شريدا:
" خ ل "] ولم يبق عدو لله إلا مظهرا الحجة غير مستتر ببدعته وضلالته.
فلما كان قبل موت معاوية بسنة حج الحسين بن علي صلوات الله عليه وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر فجمع الحسين عليه السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم ومن حج منهم ومن الأنصار ممن يعرفه الحسين وأهل