ثم لم تكن لاحد منهم بأعظم حسدا منك لابن عمك عثمان وكان أحقهم أن لا تفعل ذلك به في قرابته وصهره فقطعت رحمه وقبحت محاسنه وألبت الناس عليه وبطنت وظهرت حتى ضربت إليه آباط الإبل وقيدت إليه الخيل العراب وحمل عليه السلاح في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فقتل معك في المحلة وأنت تسمع في داره الهائعة لا تردع الظن والتهمة عن نفسك فيه بقول ولا عمل وأقسم قسما صادقا لو قمت فيما كان من أمره مقاما واحدا تنهنه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا ولمحى ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه.
وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين إيواؤك قتلة عثمان فهم عضدك وأنصارك ويدك وبطانتك وقد ذكر لي أنك تتنصل من دمه فإن كنت صادقا أمكنا من قتلته لنقتلهم به ونحن من أسرع الناس إليك وإلا فإنه ليس لك ولأصحابك إلا السيف والذي لا إله إلا هو لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى يقتلهم الله أو لتحلفن أرواحنا بالله والسلام.
قال نصر: فلما قدم أبو مسلم على علي عليه السلام بهذا الكتاب قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنك قد قمت بأمر وليته ووالله ما أحب أنه لغيرك إن أعطيت الحق من نفسك إن عثمان قتل مسلما محرما مظلوما فادفع إلينا قتلته وأنت أميرنا فإن خالفك من الناس أحد كانت أيدينا لك ناصرة وألسنتنا لك شاهدة وكنت ذا عذر وحجة.
فقال له علي عليه السلام: أغد علي غدا فخذ جواب كتابك. فانصرف ثم رجع من غد ليأخذ كتابه فوجد الناس قد بلغهم الذي جاء فيه فلبست الشيعة أسلحتها ثم غدوا فملأوا المسجد فنادوا كلنا قتل عثمان وأكثروا من النداء بذلك وأذن لأبي مسلم فدخل فدع إليه علي عليه السلام جواب كتاب معاوية.
فقال أبو مسلم: لقد رأيت قوما مالك معهم أمر قال: وما ذاك؟ قال: بلغ القوم أنك تريد أن تدفع إلينا قتلة عثمان فضجوا واجتمعوا ولبسوا السلاح وزعموا أنهم كلهم قتلة عثمان. فقال علي عليه السلام: والله ما أردت أن أدفعهم