بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٧٣
وأيضا يشترط في الامام بالاتفاق نوع من العلم فيما يتعلق بحقوق الناس والسياسات، ولم يشترط ذلك في المتقدم في الصلاة بالاتفاق، فظهر أن الإمامة بمراحل عن تولي الصلاة، ومع ذلك فقدتم بما تمسك به عمر بن الخطاب يوم السقيفة من إمامة أبي بكر في الصلاة أمر بيعته، وانصرف الأنصار بذلك عن دعواهم روى ابن عبد البر في الاستيعاب باسناده عن عبد الله بن مسعود قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بنى ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب " نشدتكم الله هل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا اللهم نعم، قال: فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقالوا كلنا لا تطيب نفسه ونستغفر الله " وقد روى هذا المعنى كثير من الثقات عندهم ونقلة آثارهم (1).
فانظر أيها العاقل بعين الانصاف كيف استزلهم الشيطان، وقادهم إلى النار بكلام عمر بن الخطاب كما استهوى قوم موسى بخوار العجل، وأنساهم ما نطق به الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله) من النصوص الصريحة في أمير المؤمنين (عليه السلام) كما أغفل بنى

(1) رواه من أصحاب الصحاح النسائي عن ابن مسعود على ما في الجامع ج 9 ص 435 ولفظه: لما قبض رسول الله قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال أنسيتم أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يصلى بالناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟
فقالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.
ولكن قد عرفت بما لا مزيد عليه أن رسول الله لم يأمر أبا بكر بالصلاة وصحابة الرسول الذين كانوا يراجعون رسول الله ويعودونه في شكواه، اعرف بذلك، حيث كان الرسول (صلى الله عليه وآله) بمشهد منهم يوصيهم بأن ينفذوا جيش أسامة وفيهم أبو بكر وعمر و وجوه الأنصار والمهاجرين، فهذا الكلام الذي نقلوه عن ابن مسعود من استدلال عمر على الأنصار بصلاة أبى بكر موضوع مزور عليه فيما بعد من الزمن على عهد التابعين والمتكلمين الذين أسسوا قاعدة مذاهبهم على الأدلة الصناعية، ومن أيديهم تخرجت هذه الأحاديث وما شابهها في غصون اعتقاداتهم تقليدا لسلفهم الصالح!
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست