ولطف إحسانه إليه، فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا ازداد حق الله عليه عظما، وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الاطراء واستماع الثناء ولست بحمد الله كذلك.
ولو كنت أحب أن يقال ذلك، لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء، وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء فلا تثنوا علي بجميل ثناء لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لابد من إمضائها.
فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة (1)، ولا تخالطوني (2) بالمصانعة (3) ولا تظنوا بي استثقالا في حق (4) قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فاني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذاك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره يملك منا مالا نملك من أنفسنا و أخرجنا مما كنا فيه إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى (5).
أقول: سيأتي بسند آخر أبسط من ذلك مشروحا في كتاب الفتن.
15 - كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن ابن نباته قال: خطب علي