تبقى عليكم حسرات نفوسكم وأمانيكم التي قد اقتطعتم دونها.
ولكنا أمهلناكم للتوبة وأنظرناكم للإنابة، أي فعلنا ذلك بأسلافكم فتاب من تاب منهم فسعد وخرج (1) من صلبه من قدر أن يخرج منه الذرية الطيبة التي تطيب في الدنيا بالله تعالى معيشتها وتشرف في الآخرة بطاعة الله مرتبتها.
وقال الحسين بن علي (عليهما السلام): أما إنهم لو كانوا دعوا الله بمحمد وآله الطيبين بصدق من نياتهم وصحة اعتقادهم من قلوبهم أن يعصمهم حتى لا يعاندوه بعد مشاهدة تلك المعجزات الباهرات (2) لفعل ذلك بجوده وكرمه، ولكنهم قصروا فآثروا (3) الهوينا (4) ومضوا مع الهوى (5) في طلب لذاتهم.
49 - تفسير الإمام العسكري: ثم وجه الله العذل (6) نحو اليهود في قوله: " أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم " فأخذ عهودكم ومواثيقكم بما لا تحبون من بذل الطاعة لأولياء الله الأفضلين وعباده المنتجبين محمد وآله الطيبين الطاهرين لما قالوا لكم كما أداه إليكم أسلافكم الذين قيل لهم: إن ولاية محمد هي الغرض الأقصى والمراد الأفضل ما خلق الله أحدا من خلقه ولا بعث أحدا من رسله إلا ليدعوهم إلى ولاية محمد وعلي وخلفائه ويأخذ به عليهم العهد ليقيموا عليه (7) وليعمل به سائر عوام الأمم.
فبهذا " استكبرتم " كما استكبر أوائلكم حتى قتلوا زكريا ويحيى واستكبرتم أنتم حتى رمتم (8) قتل محمد وعلي فخيب الله سعيكم ورد في نحوركم كيدكم.