قال الواقدي عن أشياخه: كتب رسول الله إلى النجاشي كتابين يدعوه في أحدهما إلى الاسلام، ويتلو عليه القرآن، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله فوضعه على عينه، ونزل من سريره، ثم جلس على الأرض تواضعا، ثم أسلم وشهد شهادته الحق، وقال:
لو كنت أستطيع أن آتيه لآتينه (1)، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بإجابته وتصديقه وإسلامه على يد جعفر بن أبي طالب.
وفي الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت قد هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الأسدي، فتنصر هناك، ومات وأمره في الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه. ففعل ذلك، وهذه الأخبار دالة على أن النجاشي هو الذي كانت الهجرة إلى أرضه وروي أنه غير ذلك.
وأما الحارث بن أبي الشمر (2) الغساني، فقال شجاع بن وهب: انتهيت بكتاب رسول الله وهو بغوطة دمشق وهو مشغول بتهية الانزال والالطاف لقيصر، وهو جاء من حمص إلى إيليا، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا، وجعل حاجبه وكان روميا يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فكنت أحدثه عن صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وما يدعو إليه فيرق حتى يغلبه البكاء، ويقول: إني قرأت الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه، وأنا أؤمن به وأصدقه، وأخاف من الحارث أن يقتلني، و كان يكرمني ويحسن ضيافتي، فخرج الحارث يوما فجلس ووضع التاج على رأسه وأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله (3) فقرأه ثم رمى به وقال: من