بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٣٠
في كتابه: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (1) " فأنزل الله (2) عز وجل أن لا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة، وما كان ذلك لنبي قط، قال الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة (3) " ثم وضعها عنهم بعد أن فرضها عليهم برحمته (4).
26 - المحاسن: أبو إسحاق الثقفي، عن محمد بن مروان، عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام: التوحيد والاخلاص وخلع الأنداد والفطرة الحنيفية (5) السمحة، لا رهبانية ولا سياحة (6)، أحل فيها الطيبات، وحرم فيها الخبيثات، ووضع عنهم

(١) التوبة: ١٢٨.
(٢) في المصدر: وأنزل الله.
(٣) المجادلة: ١٢.
(4) الاحتجاج: 28 و 29، وفيه: بعد أن افترضها عليهم برحمته ومنته، وأخرجه المصنف، أيضا في كتاب الاحتجاجات. راجع 9: 298 - 292. وذكر هنا وجها لذكر عيسى عليه السلام و أكل الجدي.
(5) والحنفية خ ل، وهو الموجود في المصدر. والسمحة: السهلة.
(6) قد كانت الرهبانية وهي الاعتزال عن الناس إلى دير أو كهف أو مغارة للتعبد والسياحة في الأمصار وهي التعطل عن المشاغل وعدم الدخول فيما يهم المجتمع من الصناعات والتجارات ما شاعت في النصارى، وكانت بدعة ابتدعوها في دين المسيح عليه السلام ولم تكن في دينه، ثم انتشرت منهم في البلاد والمذاهب حتى جاء الاسلام، فرأى أنها جريمة تضر بالمجتمع، وتهدم أساس الحضارة، وتبطل حقوق الانسانية، ونواميس البشرية مع أن الله تعالى وضع الأديان حفظا لنواميس الاجتماع، وابقاء للنوع الانساني، فهدم صلى الله عليه وآله أساس الرهبنة، وانقض أركانه فقال: " لا رهبانية ولا سياحة " ووضع أساس الدين على ما يصلح به الدنيا والآخرة، و شرع قوانين يفوز عامله في الدارين جميعا، فلم يكن حثه على الصلاة مثلا بأكثر من حثه على التجارة والزراعة والنكاح، ولم يكن نظره إلى ما يصلح به الدنيا أقصر من نظره إلى ما يصلح الآخرة به، وكان يصف نفسه بذى العينين إيعازا إلى ذلك، هذا ما جاء به نبي الاسلام نبي الرحمة والحكمة، وأما المسلمون فلم نعلم كيفما غفلوا عن هذا النواميس الاسلامية وقوانينها وتعليم نبيهم فكيف أثر فيهم ما كان نبيهم يحذرهم عنه؟ كيف أثر فيهم تعاليم الرهبنة؟ ومن أين أعدو من هذا الداء المزمن والسم الناقع؟ فأصبحوا مستضعفين في الأرض، مقهورين في أيدي من كانوا يسودون عليهم في الأمس، سبحانك اللهم ما جزيتنا إلا بسوء أعمالنا وبرفضنا تعاليم نبيك، نسيناك فأنسيتنا أنفسنا، و ما تجازى إلا الكفور.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 5 تزوجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها وفضائلها وبعض أحوالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 6 أسمائه صلى الله عليه وآله وعللها، ومعنى كونه صلى الله عليه وآله أميا وأنه كان عالما بكل لسان، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه، ودوابه وغيرها مما يتعلق به صلى الله عليه وآله، وفيه 75 حديثا. 82
4 باب 7 نادر في معنى كونه صلى الله عليه وآله يتيما وضالا وعائلا، ومعنى انشراح صدره، وعلة يتمه، والعلة التي من أجلها لم يبق له صلى الله عليه وآله ولد ذكر، وفيه 10 أحاديث. 136
5 باب 8 أوصافه صلى الله عليه وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة، وفيه 33 حديثا 144
6 باب 9 مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى الله عليه وآله وما أدبه الله تعالى به، وفيه 162 حديثا. 194
7 باب 10 نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه صلى الله عليه وآله وهو من الباب الأول، وفيه 4 أحاديث. 294
8 باب 11 فضائله وخصائصه صلى الله عليه وآله وما امتن الله به على عباده، وفيه 96 حديثا. 299
9 باب 12 نادر في اللطائف في فضل نبينا صلى الله عليه وآله في الفضائل والمعجزات على الأنبياء عليهم السلام، وفيه حديثان. 402