فقال: لا والله يا رسول الله، فتجاوز عنه.
ورأي صلى الله عليه وآله صهيبا يأكل تمرا، فقال صلى الله عليه وآله: أتأكل التمر وعينك رمدة؟ فقال:
يا رسول الله إني أمضغه من هذا الجانب، وتشتكي عيني من هذا الجانب.
ونهى صلى الله عليه وآله أبا هريرة عن مزاح العرب، فسرق نعل النبي صلى الله عليه وآله ورهن بالتمر و جلس بحذائه صلى الله عليه وآله يأكل، فقال صلى الله عليه وآله: يا أبا هريرة ما تأكل؟ فقال: نعل رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقال سويبط المهاجري لنعيمان البدري: أطعمني، وكان على الزاد في سفر، فقال: حتى تجئ الأصحاب، فمروا بقوم فقال لهم سويبط: تشترون مني عبدا لي؟
قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم: إني حر، فإن سمعتم مقاله تفسدوا علي عبدي، فاشتروه بعشرة قلائص، ثم جاؤوا فوضعوا في عنقه حبلا، فقال نعيمان: هذا، يستهزئ بكم وإني حر، فقالوا: قد عرفنا خبرك، وانطلقوا به حتى أدركهم القوم و خلصوه، فضحك النبي صلى الله عليه وآله من ذلك حينا.
وكان نعيمان هذا أيضا مزاحا، فسمع محرمة بن نوفل وقد كف بصره يقول: ألا رجل يقودني حتى أبول؟ فأخذ نعيمان بيده، فلما بلغ مؤخر المسجد قال: هاهنا فبل، فبال فصيح به، فقال: من قادني؟ قيل: نعيمان، قال: الله (1) علي أن أضربه بعصاي هذه، فبلغ نعيمان فقال: هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، قال: قم، فقام معه فأتى به عثمان وهو يصلي، فقال: دونك الرجل، فجمع يديه بالعصا ثم ضربه، فقال الناس:
أمير المؤمنين، فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان، قال: لا أعود إلى نعيمان أبدا.
ورأي نعيمان مع أعرابي عكة عسل، فاشتراها منه، وجاء بها إلى بيت عايشة في يومها، وقال: خذوها، فتوهم النبي صلى الله عليه وآله أنه أهداها له، ومر نعيمان والأعرابي على الباب، فلما طال قعوده قال: يا هؤلاء ردوها علي إن لم تحضر قيمتها، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله القصة فوزن له الثمن، وقال لنعيمان: ما حملك على ما فعلت؟ فقال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يحب العسل، ورأيت الاعرابي معه العكة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله