عزم عليه فمسخ منهم شياطين ليريهم آية فيعتبروا، فلم يزدهم ذلك إلا طغيانا وكفرا، فأتى بيت المقدس يدعوهم (1) ويرغبهم فيما عند الله ثلاثا وثلاثين سنة حتى طلبته اليهود وادعت أنها عذبته ودفنته في الأرض حيا، وادعى بعضهم أنهم قتلوه وصلبوه، وما كان الله ليجعل لهم عليه سلطانا، وإنما شبه لهم، وما قدروا على عذابه ودفنه ولا على قتله وصلبه قوله (2) عز وجل: " إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا " فلم يقتدروا (3) على قتله وصلبه لأنهم لو قدروا على ذلك كان تكذيبا لقوله: " ولكن رفعه الله إليه " بعد أن توفاه عليه السلام، فلما أراد الله أن يرفعه أوحى إليه أن يستودع (4) نور الله و حكمته وعلم كتابه شمعون بن حمون الصفا خليفته على المؤمنين، ففعل ذلك فلم يزل شمعون يقوم بأمر الله (5) عز وجل ويهتدي بجميع مقال عيسى عليه السلام في قومه من بني إسرائيل و يجاهد الكفار، فمن أطاعه وآمن به وبما جاء به كان مؤمنا، ومن جحده وعصاه كان كافرا حتى استخلص ربنا عز وجل وبعث في عباده نبيا من الصالحين وهو يحيى بن زكريا عليه السلام (6) فمضى شمعون، (7) وملك عند ذلك أردشير بن أشكان (8) أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، وفي ثمانية سنين (9) من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا عليه السلام، فلما أراد الله أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون ويأمر الحواريين و أصحاب عيسى عليه السلام بالقيام معه، ففعل ذلك وعندها ملك سابور بن أردشير ثلاثين سنة
(٥١٦)