وعزة فرعون لا أكتم عليه، وأخبر فرعون على رؤوس الناس بما رأى وكتم الآخر، فلما دخل حزبيل قال فرعون للرجلين: من ربكما؟ قالا: أنت، فقال لحزبيل: ومن ربك؟
قال ربي ربهما، فظن فرعون أنه يعنيه فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب، وسر فرعون وأمر بالأول فصلب فنجى الله المؤمن وآمن الآخر بموسى عليه السلام حتى قتل مع السحرة. (1) المحاسن: أبي، عن علي بن النعمان، عن أيوب بن الحر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " فوقاه الله سيئات ما مكروا " قال: أما لقد سطوا عليه وقتلوه، ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه. (2) بيان: سطا عليه أي قهر وبطن به. قال الثعلبي: قالت الرواة: كان حزبيل من أصحاب فرعون نجارا، وهو الذي نجر التابوت لام موسى حين قذفته في البحر، وقيل:
إنه كان خازنا لفرعون مائة سنة وكان مؤمنا مخلصا يكتم إيمانه إلى أن ظهر موسى عليه السلام على السحرة فأظهر حزبيل إيمانه، فاخذ يومئذ وقتل مع السحرة صلبا، وأما امرأة حزبيل فإنها كانت ماشطة بنات فرعون وكانت مؤمنة.
وروي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت لجبرئيل: ما هذه الرائحة؟ قال: هذه ماشطة آل فرعون (3) وأولادها كانت تمشطها فوقعت المشطة من يدها فقالت: بسم الله، فقالت بنت فرعون: أبي؟ فقالت:
لا بل ربي وربك ورب أبيك، فقالت: لأخبرن بذلك أبي، فقالت: نعم، فأخبرته فدعا بها وبولدها وقال: من ربك؟ فقالت: إن ربي وربك الله، فأمر بتنور من نحاس فأحمي فدعا بها وبولدها، فقالت: إن لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنها. قال: ذاك لك لمالك علينا من حق، فأمر بأولادها فألقوا واحدا واحدا في التنور حتى كان آخر ولدها وكان صبيا مرضعا، فقال: اصبري يا أماه إنك على الحق، فألقيت في التنور مع ولدها.