بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٦٩
فشاورت في ذلك، فقيل لها: إنا نخافه عليك، قالت: كلا إني لا أخاف من يخاف الله، فلما دخلت عليه فرأته في ملكه قالت: الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته وجعل الملوك عبيدا بالمعصية، فتزوجها فوجدها بكرا فقال لها: أليس هذا أحسن؟ أليس هذا أجمل؟ فقالت: إني كنت بليت منك بأربع خلال: كنت أجمل أهل زماني، وكنت أجمل أهل زمانك، وكنت بكرا، وكان زوجي عنينا، فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلام وهو لا يعلم أنه يوسف:
بسم الله الرحمن الرحيم: من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عز وجل إلى عزيز آل فرعون، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنا أهل بيت مولعة بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم القي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عز وجل عليه بردا وسلاما، وأمر الله جدي أن يذبح أبي ففداه بما فداه به، وكان لي ابن وكان من أعز الناس علي ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فأذهب عني بعض وجدي (1) وهو المحبوس عندك في السرقة، وإني أشهدك أني لم أسرق ولم ألد سارقا.
فلما قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال: " اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ". (2) 43 - دعوات الراوندي: عن أبي عبد الله بن موسى (3) قال: لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان - وساق الحديث إلى قوله -: من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله - إلى قوله -: وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي - إلى قوله -: وهو من المحبوسين عندك، إني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقا. فلما قرأ يوسف كتابه بكى وكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم اصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا.
فلما انتهى الكتاب إلى يعقوب قال: والله ما هذا بكلام الملوك والفراعنة، بل هو

(1) في المصدر: فيذهب عني بعض وجدي. قلت: أي بعض حزني.
(2) امالي الطوى: 291 - 292. م (3) في نسخة: عن عبد الله بن موسى.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست