بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٢٧
جميعا لأمر الله قال الغلام: يا أبتاه خمر وجهي، (1) وشد وثاقي، فقال إبراهيم: يا بني الوثاق مع الذبح؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم، فرمى له بقرطان الحمار، ثم أضجعه عليه، وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى عليه المدية وقلب جبرئيل المدية على قفاها، (2) واجتر الكبش من قبل ثبير وأثار الغلام من تحته، ووضع الكبش مكان الغلام، ونودي من ميسرة مسجد الخيف: " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين " (3) قال: ولحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها: ما شيخ رأيته؟
قالت: ذاك بعلي، قال: فوصيف رأيته معه؟ قالت: ذاك ابني، قال: فإني رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه، فقالت: كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه؟! قال:
فورب السماء والأرض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية، فقالت: ولم؟ قال:
زعم أن ربه أمره بذلك، قالت: فحق له أن يطيع ربه; فوقع في نفسها أنه قد امر في ابنها بأمر، فلما قضت نسكها (4) أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على رأسها تقول: يا رب لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل. قلت: فأين أراد أن يذبحه؟
قال: عند الجمرة الوسطى. قال: ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من السماء وكان يأكل في سواد، ويمشي في سواد، أقرن. قلت: ما كان لونه؟ قال:
كان أملح أغبر. (5) 3 - قال: وحدثني أبي، عن صفوان بن يحيى وحماد، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألناه عن صاحب الذبح، فقال: إسماعيل عليه السلام. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب.

(1) أي استر وجهي.
(2) في نسخة: وقلبها جبرئيل على قفاها.
(3) الآية الأخيرة ليست في المصدر. م (4) في نسخة: فلما قضت مناسكها.
(5) الأغبر: ما لونه الغبرة. وفى نسخة: الأعين وهو الذي عظم سواد عينه في سعة.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست