أمته من بعده، (1) فاعتبروا أيها الناس وتفكروا فيما قلت حيث وضع الله (2) عز وجل ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحجته فإياه فتعلموا، (3) وبه فاستمسكوا تنجوا، ويكون لكم به حجة يوم القيامة والفوز، فإنهم صلة بينكم وبين ربكم، ولا تصل الولاية إلى الله عز وجل إلا بهم، فمن فعل (4) ذلك كان حقا " على الله أن يكرمه ولا يعذبه، ومن يأت بغير ما أمره كان حقا " على الله أن يذله ويعذبه. (5) وإن الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، فأما نوح فإنه ارسل إلى من في الأرض بنبوة عامة ورسالة عامة، وأما هود فإنه ارسل إلى عاد بنبوة خاصة، وأما صالح فإنه ارسل إلى ثمود قرية واحدة وهي لا تكمل أربعين بيتا " على ساحل البحر صغيرة وأما شعيب فإنه ارسل إلى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا "، وأما إبراهيم نبوته بكونى ويا، وهي (6) قرية من قرى السواد فيها مبدأ أول أمره، ثم هاجر منها، وليست بهجرة قتال، وذلك قوله تعالى: " وقال إني مهاجر إلى ربي سيهدين " فكانت هجرة إبراهيم عليه السلام بغير قتال.
وأما إسحاق فكانت نبوته بعد إبراهيم، وأما يعقوب فكانت نبوته في أرض كنعان ثم هبط إلى أرض مصر فتوفي فيها، ثم حمل بعد ذلك جسده حتى دفن بأرض كنعان، والرؤيا التي رأى يوسف الأحد عشر كوكبا " والشمس والقمر له ساجدين، فكانت نبوته في أرض مصر بدؤها، ثم كانت الأسباط اثني عشر بعد يوسف، ثم موسى وهارون إلى فرعون وملائه إلى مصر وحدها، ثم إن الله تعالى أرسل يوشع بن نون إلى بني إسرائيل من بعد موسى، نبوته بدؤها (7) في البرية التي تاه فيها (8) بنو إسرائيل.