فرضيا بذلك، فغدا هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خير غنمه زبدا " ولبنا "، وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شر زرعه، ثم صعدا فوضعا القربان على الجبل، فأتت نار فأكلت قربان هابيل، وتجنبت قربان قابيل، وكان آدم غائبا " عنهم بمكة خرج إليها ليزور البيت بأمر ربه، فقال قابيل: لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني، وتريد أن يأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة، فقال له هابيل ما حكاه الله، فشدخه (1) بحجر فقتله، روي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام (2) وغيره من المفسرين " فطوعت له نفسه " أي شجعته نفسه على قتل أخيه، أو زينت له، أو ساعدته نفسه وطاوعته على قتله أخاه. قال مجاهد: لم يدر كيف يقتله حتى ظهر له إبليس في صورة طير فأخذ طيرا " آخر وترك رأسه بين حجرين فشدخه ففعل قابيل مثله " فبعث الله غرابا " " روت العامة عن جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: قتل قابيل هابيل وتركه بالعراء (3) لا يدري ما يصنع به، فقصده السباع فحمله في جراب على ظهره حتى أروح وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمى به فتأكله، فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه، ثم حفر له بمنقاره وبرجله ثم ألقاه في الحفيرة وواراه وقابيل ينظر إليه فدفن أخاه. وعن ابن عباس قال:
لما قتل قابيل هابيل أشاك الشجر وتغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه وأمر الماء و اغبرت الأرض، فقال آدم: قد حدث في الأرض حدث، فأتى الهند فإذا قابيل قد قتل هابيل فأنشأ يقول:
تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه الصبيح. (4)