عن أئمتهم تبديع فاعليها وذم مستعمليها، فهل معك رواية عن أهل البيت (عليهم السلام) في صحتها لم تعتمد على حجج العقول ولا تلتفت إلى ما خالفها، وإن كان عليه إجماع العصابة؟.
فقال: أخطأت المعتزلة والحشوية في ما ادعوه علينا من خلاف جماعة مذهبنا (1) في استعمال المناظرة، وأخطأ من ادعى ذلك من الامامية أيضا وتجاهل، لان فقهاء الإمامية ورؤساء هم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة ويدينون بصحتها وتلقى ذلك عنهم الخلف ودانوا به، وقد أشبعت القول في هذا الباب وذكرت أسماء المعروفين بالنظر وكتبهم مدائح الأئمة (عليهم السلام) لهم في كتاب الكامل في علوم الدين وكتاب الأركان في دعائم الدين، وأنا أروي لك في هذا الوقت حديثا من جملة ما أوردت في ذلك إن شاء الله: (2) أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين، عن أبي جعفر محمد بن النعمان، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: قال لي: (خاصموهم و بينوا لهم الهدى الذي أنتم عليه، وبينوا لهم ضلالتهم، وباهلوهم في علي (عليه السلام)).
قلت: فإني لا أزال أسمع المعتزلة يدعون على أسلافنا أنهم كانوا كلهم مشبهة و أسمع المشبهة من العامة يقولون مثل ذلك، وأرى جماعة من أصحاب الحديث من الامامية يطابقونهم على هذه الحكاية، ويقولون: إن نفي التشبيه إنما أخذناه من المعتزلة، فأحب أن تروي لي حديثا يبطل ذلك، فقال: هذه الدعوى كالأولة، ولم يكن في سلفنا رحمهم الله من تدين بالتشبيه من طريق المعنى، وإنما خالف هشام وأصحابه جماعة أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) بقوله في الجسم، وزعم أن الله تعالى جسم لا كالأجسام وقد روي أنه رجع عن هذا القول بعد ذلك، وقد اختلفت الحكايات عنه، ولم يصح منها إلا ما ذكرت، وأم الرد على هشام والقول بنفي التشبيه فهو أكثر من أن يحصى من الرواية عن آل محمد (عليهم السلام). (3)