الشبهة فيه والارتياب، (١) فأما إذا لم يكن الشئ معروفا وكان الالتباس عند أفراده متوهما لم يستعمل ذلك، ومن استعمله كان عندهم ملغزا معميا، ألا ترى أن الله سبحانه لما قال: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها) علم كل سامع للخطاب أنه أرادهما معا، مع ما قدمه من كراهة كنزهما المانع من إنفاقهما، فلما عم الشيئين بذكر ينتظمهما في ظاهر المقال (٢) بما يدل على معنى ما أخره من ذكر الانفاق اكتفى بذكر أحدهما للاختصار، وكذلك قوله تعالى: (وإذا رأو
تجارة أو لهوا انفضوا إليها) وإنما اكتفى بالكناية عن أحدهما في ذكرهما معا لما قدمه في ذكرهما من دليل ما تضمنه الدلالة (٣) فقال تعالى: (وإذا رأوا
تجارة أو لهوا انفضوا إليها) فأوقع الرؤية على الشيئين جميعا، وجعلهما سببا للاشتغال بما وقعت عليه منهما عن ذكر الله سبحانه
والصلاة، وليس
يجوز أن يقع الالتباس في أنه أراد أحدهما مع ما قدم من الذكر، إذ لو أراد ذلك لخلا الكلام من الفائدة المعقولة، وكان العلم بذلك يجزي في الإشارة إليه، كذلك قوله سبحانه:
﴿والله ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (4) لما تقدم ذكر الله تعالى على التفصيل وذكره
رسوله (صلى الله عليه وآله) على البيان دل على أن الحق في الرضا لهما جميعا، وإلا لم يكن ذكرهما جميعا معا يفيد شيئا على الحد الذي قدمناه، وكذلك قول الشاعر: (وأنت بما عندك راض والامر مختلف) لو لم يقدم قبله (نحن بما عندنا) لم يجز الاقتصار على الثاني، لأنه لو حمل الأول على إسقاط المضمر من قوله: (راضون) لخلا من الفائدة، فلما كان سائر ما ذكرناه معلوما عند من عقل الخطاب جاز الاقتصار فيه على أحد المذكورين للايجاز والاختصار، وليس كذلك قوله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه) لان الكلام يتم فيها وينتظم في وقوع الكناية عن
النبي (صلى الله عليه وآله) خاصة دون الكائن معه في الغار، ولا يفتقر إلى رد الهاء عليهما معا مع كونهما في الحقيقة كناية عن واحد في الذكر وظاهر اللسان، ولو أرادهما للجميع لحصل