قال (عليه السلام): إن كل ما ترى في الأرض من التدبير إنما هو ينزل من السماء و منها ما يظهر، أما ترى الشمس منها تطلع، وهي نور النهار، وفيها قوام الدنيا، ولو حبست حار من عليها وهلك؟ والقمر منها يطلع، وهو نور الليل، وبه يعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير؟ وفي السماء النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ومن السماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شئ من الزرع والنبات والانعام، وكل الخلق لو حبس عنهم لما عاشوا، والريح لو حبست أياما لفسدت الأشياء جميعا وتغيرت، ثم الغيم والرعد والبرق و الصواعق كل ذلك إنما هو دليل على أن هناك مدبرا يدبر كل شئ ومن عنده ينزل، وقد كلم الله موسى عليه السلام وناجاه، ورفع الله عيسى بن مريم، والملائكة تنزل من عنده غير أنك لا تؤمن بما لم تره بعينك، وفيما تراه بعينك كفاية أن تفهم وتعقل.
قال: فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام (1) لنسأله عمن مضى منا إلى ما صاروا وكيف حالهم وماذا لقوا بعد الموت وأي شئ صنع بهم ليعمل الناس على اليقين اضمحل الشك وذهب الغل عن القلوب قال: إن هذه مقالة من أنكر الرسل وكذبهم، ولم يصدق بما به من عند الله إذا أخبروا (2) وقالوا: إن الله أخبر في كتابه عز وجل على لسان الأنبياء حال من مات منا، أفيكون أحد أصدق من الله قولا ومن رسله؟ وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف (3) أماتهم الله ثلاث مائة عام وتسعة ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق، وأمات الله إرميا (4) النبي الذي نظر إلى