شيخنا فقال أبي: مالي بشيخكم من حاجة، فإن كان له عندنا حاجة فليقصدنا، فرجعوا ثم جاؤوا به واجلس بين يدي أبي فقال: ما اسمك؟ قال (عليه السلام): محمد، قال: أنت محمد النبي؟ قال لا أنا ابن بنته؟ قال: ما اسم أمك؟ قال: أمي فاطمة، قال: من كان أبوك؟
قال: اسمه علي، قال: أنت ابن إليا بالعبرانية وعلي بالعربية؟ قال: نعم، قال: ابن شبر أو شبير؟ قال: إني ابن شبير، قال الشيخ: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن جدك محمدا - (صلى الله عليه وآله) - رسول الله.
ثم ارتحلنا حتى أتينا عبد الملك، فنزل من سريره واستقبل أبي وقال: عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء فأخبرني إذا قتلت هذه الأمة إمامها المفروض طاعته عليهم أي عبرة يريهم الله في ذلك اليوم؟ قال أبي: إذا كان كذلك لا يرفعون حجرا إلا ويرون تحته دما عبيطا، فقبل عبد الملك رأس أبي وقال: صدقت، إن في يوم قتل فيه أبوك علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1) كان على باب أبي مروان حجر عظيم فأمر أن يرفعوه فرأينا تحته دما عبيطا يغلي، وكان لي أيضا حوض كبير في بستاني وكان حافته حجارة سوداء فأمرت أن ترفع ويوضع مكانها حجارة بيض، وكان في ذلك اليوم قتل الحسين (عليه السلام) فرأيت دما عبيطا يغلي تحتها أتقيم عندنا ولك من الكرامة ما تشاء أم ترجع؟
قال أبي: بل أرجع إلى قبر جدي، فأذن له بالانصراف، فبعث قبل خروجنا بريدا يأمر أهل كل منزل أن لا يطعمونا شيئا ولا يمكنونا من النزول في بلد حتى نموت جوعا، فكلما بلغنا منزلا طردونا وفنى زادنا حتى أتينا مدين شعيب، وقد أغلق بابه فصعد أبي جبلا هناك مطلا على البلد أو مكانا مرتفعا عليه فقرأ: (2) (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أربكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم