فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم العراق؟ قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء العراق، قال: فمن أي فقهك؟ زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله! قال ما أنا زاعم ذلك، بل قائله بحق، قال: وبأي حق قلته؟ قال: بكتاب الله عز وجل، فنظر إلي الحجاج وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فجعلت أفكر في ذلك، فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك، وفكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناء كم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن و الحسين؟ قال الشعبي: فكأنما أهدي إلى قلبي سرورا وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظا للقرآن، فقال له يحيى: والله إنها لحجة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت، فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال له: إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة ألف درهم وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك، قال: نعم.
قال الشعبي: فغمني قوله، وقلت: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه؟ فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته لئلا يقال أنه قد علم ما قد جهله هو، فقال يحيى للحجاج: قول الله تعالى: (ومن ذريته داود وسليمان) من عنى بذلك؟ قال الحجاج: إبراهيم (عليه السلام)، قال: فداود وسليمان من ذريته؟ قال: نعم، قال يحيى: ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته؟ فقرأ الحجاج (وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين) قال يحيى: ومن؟ قال:
(وزكريا ويحيى وعيسى) قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم (عليه السلام) ولا أب له؟ قال: من أمه مريم عليها السلام، قال يحيى: فمن أقرب: مريم من إبراهيم (عليه السلام) أم فاطمة من محمد (صلى الله عليه وآله)؟ وعيسى من إبراهيم، والحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله