بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٤
" على صراط مستقيم " مستوى الاجزاء أو الجهة، والمراد تمثيل المشرك والموحد بالسالكين، والدينين بالمسلكين، وقيل: المراد بالمكب الأعمى فإنه يعتسف فينكب وبالسوي البصير، وقيل: من يمشي مكبا هو الذي يحشر على وجهه إلى النار، ومن يمشي سويا الذي يحشر على قدميه إلى الجنة (1) " إن أصبح ماؤكم غورا " أي غائرا في الأرض بحيث لا تناله الدلاء، مصدر وصف به " فمن يأتيكم بماء معين " جار، أو ظاهر سهل المأخذ. (2) " ن " من أسماء الحروف، وقيل: اسم الحوت، والمراد به الجنس، أو اليهموت وهو الذي عليه الأرض، أو الدواة فإن بعض الحيتان يستخرج منه شئ أسود يكتب به " والقلم " هو الذي خط اللوح، أو الذي يخط به، أقسم به لكثرة فوائده " وما يسطرون " وما يكتبون " ما أنت بنعمة ربك بمجنون " جواب القسم، والمعنى: ما أنت بمجنون منعما عليك بالنبوة وحصافة الرأي (3) " وإن لك لأجرا " على الاحتمال أو الابلاغ " غير ممنون " مقطوع، أو ممنون به عليك من الناس " بأيكم المفتون " أيكم الذي فتن بالجنون، والباء مزيدة، أو بأيكم الجنون، على أن المفتون مصدر كالمعقول والمجلود أو بأي الفريقين منكم المجنون، أبفريق المؤمنين أو بفريق الكافرين؟ أي في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم " ودوا لو تدهن " بأن تلاينهم بأن تدع نهيهم عن الشرك أو توافقهم فيه أحيانا " فيدهنون " فيلاينونك بترك الطعن والموافقة " ولا تطع كل حلاف "

(1) قال الشريف الرضى قدس سره: هذه استعارة والمراد بها صفة من يتخبط في الضلال و ينحرف عن طريق الرشاد لأنهم يصفون من تلك حاله بأنه ماش على وجهه، فيقولون: فلان يمشى على وجهه ويمضى على وجهه إذا كان كذلك، وإنما شبهوه بالماشي على وجهه لأنه لا ينتفع بمواقع بصره، إذ كان البصر في الوجه وإذا كان الوجه مكبوبا على الأرض كان الانسان كالأعمى الذي لا يسلك جددا ولا يقصد سددا، ومن الدليل على قوله تعالى: " أفمن يمشى مكبا " من الكنايات عن عمى البصر قوله تعالى في مقابلة ذلك: " أمن يمشى سويا " لان السوي ضد المنقوص في خلقه والمبتلى في بعض كرائم جسمه.
(2) أنوار التنزيل: 2: 535 - 537.
(3) حصافة الرأي: جودته.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست