فقال: تزعمون أن محمدا - صلى الله عليه وآله - مجنون فهل رأيتموه يخنق؟ وتقولون: إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن؟ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا؟ فقالوا: لا، فقال:
ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين المرء وأهله وولده ومواليه؟ ففرحوا به وتفرقوا مستعجبين منه " ثم قتل كيف قدر " تكرير للمبالغة " ثم نظر " أي في أمر القرآن مرة بعد أخرى " ثم عبس " قطب وجهه لما لم يجد فيه طعنا ولم يدر ما يقول، أو نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقطب وجهه " وبسر " اتباع لعبس " ثم أدبر " عن الحق أو الرسول " واستكبر " عن اتباعه فقال: " إن هذا إلا سحر يؤثر " يروي ويتعلم " وما هي " أي سقر أو عدة الخزنة، أو السورة " إلا ذكرى للبشر " إلا تذكرة لهم " كلا " ردع لمن أنكرها، أو إنكار لان يتذكروا بها " إنها لإحدى الكبر " لإحدى البلايا الكبر " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر " بدل من " للبشر " أي نذيرا للمتمكنين من السبق إلى الخير، أو التخلف عنه، أو لمن شاء خبر لان يتقدم.
" كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة " شبههم في إعراضهم ونفارهم عن استماع الذكر بحمر نافرة فرت من قسورة، أي أسد " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " قراطيس تنشر وتقرء، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وآله: لن نتبعك حتى تأتي كلا منا بكتاب من السماء فيها: من الله إلى فلان اتبع محمدا (1) " لا تحرك " يا محمد " به " بالقرآن " لسانك لتعجل به " لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك " إن علينا جمعه " في صدرك " وقرآنه " وإثبات قراءته في لسانك، وهو تعليل للنهي " فإذا قرأناه " بلسان جبرئيل عليه السلام عليك " فاتبع قرآنه " قراءته وتكرر فيه حتى يرسخ في ذهنك " ثم إن علينا بيانه " بيان ما أشكل عليك من معانيه، وقيل: الخطاب مع الانسان المذكور، والمعنى أنه يؤتى كتابه فيتلجلج لسانه من سرعة قراءته خوفا فيقال له: " لا تحرك به لسانك لتعجل به " فإن علينا بمقتضى الوعد جمع ما فيه من أعمالك وقراءته " فإذا قرأناه فاتبع قراءته بالاقرار، أو التأمل فيه، ثم إن علينا بيان أمره بالجزاء عليه. (2) " وشددنا أسرهم " أي وأحكمنا ربط مفاصلهم بأعصاب " وإذا شئنا بدلنا