وفي قوله: " ثاني عطفه " أي متكبرا في نفسه، تقول العرب: ثنى فلان عطفه:
إذا تكبر وتجبر، وعطفا الرجل: جانباه، وقيل: معناه: لاوى عنقه إعراضا وتكبرا " ومن الناس من يعبد الله على حرف " أي على ضعف في العبادة كضعف القائم على حرف، أي على طرف جبل ونحوه، وقيل: أي على شك، وقيل: يعبد الله بلسانه دون قلبه قيل: نزلت في جماعة كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة، فكان أحدهم إذا صح جسمه ونتجت فرسه وولدت امرأته غلاما وكثرت ماشيته رضي به واطمأن إليه، و إن أصابه وجع وولدت امرأته جارية قال: ما أصبت في هذا الدين إلا شرا " وإن أصابته فتنة " أي اختبار بجدب وقلة مال " انقلب على وجهه " أي رجع عن دينه إلى الكفر. (1) وقال البيضاوي في قوله تعالى: " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا و الآخرة " المعنى أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه، وقيل: المراد بالنصر الرزق والضمير لمن " فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع " أي فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه، بأن يفعل كل ما يفعله الممتلئ غضبا أو المبالغ جزعا حتى يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق، من قطع: إذا اختنق فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه، وقيل: فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانه فيجتهد في دفع نصره أو تحصيل رزقه " فلينظر " فليتصور في نفسه " هل يذهبن كيده " فعله ذلك، وسماه على الأول كيدا لأنه منتهى ما يقدر عليه " ما يغيظ " غيظه، أو الذي يغيظ من نصر الله، وقيل: نزلت في قوم مسلمين استبطؤوا نصر الله لاستعجالهم وشدة غيظهم على المشركين " يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا " أي يثبون ويبطشون بهم " ضعف الطالب والمطلوب " أي عابد الصنم ومعبوده، أو الذباب يطلب ما يسلب عن الصنم من الطيب، والصنم يطلب منه الذباب السلب، أو الصنم والذباب كأنه يطلبه ليستنقذ منه ما يسلبه، فلو حققت وجدت الصنم أضعف منه بدرجات " ما قدروا الله حق قدره " أي ما عرفوه حق معرفته " فذرهم في غمرتهم "