بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٢٩
العالم من فرط غضبه، أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهونه من الشرك و والمعاصي لخرج عن الألوهية، ولم يقدر أن يمسك السماوات والأرض " أم تسألهم خرجا " أجرا على أداء الرسالة " فخراج ربك " رزقه في الدنيا وثوابه في العقبى " خير " لسعته ودوامه " ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر " يعني القحط، روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهز، (1) فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أنشدك الله والرحم، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فنزلت:
" ولقد أخذناهم بالعذاب " يعني القتل يوم بدر " ذا عذاب شديد " يعني الجوع، فإنه أشد من القتل والأسر " إذا هم فيه مبلسون " متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك " قل من بيده ملكوت كل شئ " أي ملكه غاية ما يمكن، وقيل: خزائنه " وهو يجير " يغيث من يشاء ويحرسه " ولا يجار عليه " ولا يغاث أحد ولا يمنع منه، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة " إذا لذهب كل إله بما خلق " أي لو كان معه آلهة كما يقولون لذهب كل إله منهم بما خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين، ووقع بينهم التحارب والتغالب، كما هو حال ملوك الدنيا، فلم يكن بيده وحده ملكوت كل شئ، واللازم باطل بالاجماع والاستقراء، وقيام البرهان على استناد جميع الممكنات إلى واجب. (2) وقال الطبرسي رحمه الله في قوله: " ويقولون آمنا بالله " قيل: نزلت الآيات في رجل من المنافقين كان بينه وبين رجل من اليهود حكومة، فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، وحكى البلخي أنه كانت بين علي عليه السلام وعثمان منازعة في أرض اشتراها من علي عليه السلام، فخرجت فيها أحجار وأراد ردها بالعيب فلم يأخذها، فقال: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الحكم بن أبي العاص: إن حاكمته إلى ابن عمه حكم له فلا تحاكمه إليه، فنزلت

(1) في القاموس: العلهز بالكسر: القراد الضخم. وطعام من الدم والوبر كان يتخذ في المجاعة. والناب المسنة وفيها بقية. ونبات ينبت ببلاد بنى سليم.
(2) أنوار التنزيل 2: 98 و 111 و 112 و 122 و 127 وفيه: إلى واجب واحد.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست