وصفه بلسانه، وقال سبحانه: ولا تقف ما ليس لك به علم. الآية. (1) ونحن نعلم أن القائس معول على الظن دون العلم.
وأما الاخبار فمنه قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام.
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم والقياس في الأحكام فإنه أول من قاس إبليس. وقال الصادق عليه السلام: إياكم وتقحم المهالك باتباع الهوى والمقائيس، قد جعل الله للقرآن أهلا أغناكم بهم عن جميع الخلائق، لا علم إلا ما أمروا به قال الله تعالى: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. (2) إيانا عنى. وجميع أهل البيت عليهم السلام أفتوا بتحريم القياس وروي عن سلمان رحمة الله عليه أنه قال: ما هلكت أمة حتى قاست في دينها (3) وكان ابن مسعود يقول: هلك القائسون.
وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان أمر بني إسرائيل لم يزل معتدلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم فقالوا فيهم بالرأي فأضلوهم.
وقال ابن عيينة: فما زال أمر الناس مستقيما حتى نشأ فيهم ربيعة الرأي بالمدينة وأبو حنيفة بالكوفة، وعثمان بالبصرة، وأفتوا الناس وفتنوهم، فنظرناهم فإذا هم أولاد سبايا الأمم. وفي هذا القدر من الأخبار غنى عن الإطالة والإكثار.
76 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعلموا عباد الله أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاما أول، ويحرم العام ما حرم عاما أول، وأن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئا مما حرم عليكم، ولكن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله، فقد جربتم الأمور وضرستموها، ووعظتم بمن كان قبلكم، ضربت الأمثال لكم، و دعيتم إلى الأمر الواضح فلا يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى، و من لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشئ من العظة، وأتاه التقصير من إمامه حتى يعرف ما أنكر وينكر ما عرف، وإنما الناس رجلان متبع شرعة ومتبع بدعة، ليس معه من الله برهان سنة ولا ضياء حجة، وان الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل القرآن