رسول الله صلى الله عليه وآله إلا لعلة خوف ضرورة، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله أو نحرم ما استحله رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول الله صلى الله عليه وآله مسلمون له، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله تابعا لأمر ربه عز وجل مسلما له، وقال الله عز وجل: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. وأن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب، بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله صلى الله عليه وآله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله، والرد إليه وإلينا، وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله مشركا بالله العظيم، فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه وآله، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، أو مأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر إلزام فاتبعوا مما وافق نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلى الله عليه وآله وكرهه ولم يحرمه، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا، أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وما لم تجدوه في شئ من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا.
قال الصدوق رحمه الله: كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي.