يمكن أن يكون حقيقيا لظهور انقيادها لما يريده تعالى منها، وأن يكون أمرا تكوينيا لتكون قابلة للامرين أي الصعود إلى الكمال والقرب والوصال، والهبوط إلى النقص وما يوجب الوبال، أو لتكون في درجة متوسطة من التجرد لتعلقها بالماديات، لكن تجرد النفس لم يثبت لنا من الاخبار، بل الظاهر منها ما ديتها كما سنبين فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما المعنى السادس، فلو قال أحد بجوهر مجرد لا يقول بقدمه ولا يتوقف تأثير الواجب في الممكنات عليه، ولا بتأثيره في خلق الأشياء، ويسميه العقل ويجعل بعض تلك الأخبار منطبقا على ما سماه عقلا، فيمكنه أن يقول: إن إقباله عبارة عن توجهه إلى المبدأ، وإدباره عبارة عن توجهه إلى النفوس لاشراقه عليها واستكمالها به.
فإذا عرفت ذلك فاستمع لما يتلى عليك من الحق الحقيق بالبيان، وبأن لا يبالي بما يشمئز عنه من نواقص الأذهان.
فاعلم أن أكثر ما أثبتوه لهذه العقول قد ثبت لأرواح النبي والأئمة (عليهم السلام) في أخبارنا المتواترة على وجه آخر فإنهم أثبتوا القدم للعقل، وقد ثبت التقدم في الخلق لأرواحهم، إما على جميع المخلوقات، أو على سائر الروحانيين في أخبار متواترة، و أيضا أثبتوا لها التوسط في الايجاد أو الاشتراط في التأثير، وقد ثبت في الاخبار كونهم (عليهم السلام) علة غائية لجميع المخلوقات، وأنه لولاهم لما خلق الله الأفلاك وغيرها، وأثبتوا لها كونها وسائط في إفاضة العلوم والمعارف على النفوس والأرواح، وقد ثبت في الاخبار أن جميع العلوم والحقائق والمعارف بتوسطهم تفيض على سائر الخلق حتى الملائكة والأنبياء.
والحاصل أنه قد ثبت بالأخبار المستفيضة أنهم (عليهم السلام) الوسائل بين الخلق وبين الحق في إفاضة جميع الرحمات والعلوم والكمالات على جميع الخلق، فكلما يكون التوسل بهم والاذعان بفضلهم أكثر كان فيضان الكمالات من الله أكثر، ولما سلكوا سبيل الرياضات والتفكرات مستبدين بآراءهم على غير قانون الشريعة المقدسة ظهرت عليهم حقيقة هذا الامر ملبسا مشتبها، فاخطأوا في ذلك، وأثبتوا عقولا وتكلموا في