عليه الدنيا، وإبليس، والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا، ولا يطلب ما عند الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلا، فهذا أول درجة التقى، قال الله تبارك وتعالى: تلك الدار الآخرة نجعله للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين.
قلت: يا أبا عبد الله أوصني، قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، والله أسأل أن يوفقك لاستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس (1)، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها وإياك والتهاون بها، قال عنوان: ففرغت قلبي له.
فقال: أما اللواتي في الرياضة: فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، وإذا أكلت فكل حلالا وسم الله، واذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وآله): ما ملا آدمي وعاءا شرا من بطنه فإن كان ولابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.
وأما اللواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، ومن شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي، وإن كنت كاذبا فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك، ومن وعدك بالخنى (2) فعده بالنصيحة والرعاء.
وأما اللواتي في العلم: فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا و تجربة وإياك أن تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا. قم عني يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد علي وردي، فإني امرء ضنين بنفسي، والسلام على من اتبع الهدى.
18 - منية المريد: عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن موسى (عليه السلام) لقى الخضر (عليه السلام) فقال:
أوصني، فقال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل