أو من الناس. وفي تحف العقول: اللهم لاذا ولا ذاك فمن إذا المنهوم باللذة السلس القياد للشهوة، أو مغرم بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين ولا ذوي البصائر واليقين، وفي النهج:
أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة أو مغرما. قوله (عليه السلام): سلس القياد أي سهل الانقياد من غير توقف. أو مغرى بالجمع والادخار أي شديد الحرص على جمع المال وادخاره كأن أحدا يغريه بذلك ويبعثه عليه، والغرم أيضا بمعناه يقال: فلان مغرم بكذا أي لازم له مولع به. ليسا من رعاة الدين. الرعاة بضم أوله جمع راع بمعنى الوالي، أي ليس المنهوم والمغرى المذكوران من ولاة الدين، وفيه إشعار بأن العالم الحقيقي وال على الدين وقيم عليه. أقرب شبها أي الانعام السائمة أي الراعية أشبه الأشياء بهذين الصنفين.
كذلك يموت أي مثل ما عدم من يصلح لتحمل العلوم تعدم تلك العلوم أيضا وتندرس آثارها بموت العلماء العارفين لأنهم لا يجدون من يليق لتحملها بعدهم.
ولما كانت سلسلة العلم والعرفان لا تنقطع بالكلية ما دام نوع الانسان، بل لابد من إمام حافظ للدين في كل زمان استدرك أمير المؤمنين (عليه السلام) كلامه هذا بقوله:
اللهم بلى. وفي النهج لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا. وفي ف من قائم بحجة إما ظاهرا مكشوفا أو خائفا مفردا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ورواة كتابه. والامام الظاهر المشهور كأمير المؤمنين صلوات الله عليه، و الخائف المغمور كالقائم في زماننا وكباقي الأئمة المستورين للخوف والتقية، ويحتمل أن يكون باقي الأئمة (عليهم السلام) داخلين في الظاهر المشهور. وكم وأين: استبطاء لمدة غيبة القائم (عليه السلام) وتبرم (1) من امتداد دولة أعدائه أو إبهام لعدد الأئمة (عليهم السلام)، وزمان ظهورهم ومدة دولتهم لعدم المصلحة في بيانه. ثم بين (عليه السلام) قلة عددهم، وعظم قدرهم وعلى الثاني يكون الحافظون والمودعون الأئمة (عليهم السلام)، وعلى الأول يحتمل أن يكون المراد شيعتهم الحافظين لأديانهم في غيبتهم. هجم بهم العلم أي أطلعهم العلم اللدني على حقائق الأشياء دفعة، وانكشفت لهم حجبها وأستارها. والروح بالفتح:
الراحة والرحمة والنسيم، أي وجدوا لذة اليقين، وهو من رحمته تعالى ونسائم لطفه.