بيان: قوله تعالى: بك أبدا وبك أعيد، أي بك خلقت الخلق وأبدأتهم، و بك أعيدهم للجزاء، إذ لولا العقل لم يحسن التكليف، ولولا التكليف لم يكن للخلق فائدة، ولا للثواب والعقاب والحشر منفعة، ولا فيها حكمة.
قوله (صلى الله عليه وآله): ومن الحلم العلم، إذ بترك الحلم ينفر العلماء عنه، فلا يمكنه التعلم منهم، وأيضا يسلب الله علمه عنه، ولا يفيض عليه الحكمة بتركه، كما سيأتي. والرشد:
الاهتداء والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه. والعفاف: منع النفس عن المحرمات والصيانة: منعها عن الشبهات والمكروهات، فلذا تتفرع على العفاف، وبالصيانة ترتفع الغواشي والأغطية عن عين القلب فيرى الحق حقا، والباطل باطلا، فيستحيي من ارتكاب المعاصي، وإذا استحكم فيه الحياء تحصل له الرزانة، أي عدم الانزعاج عن المحركات الشهوانية والغضبية، وعدم التزلزل بالفتن، إذ الحياء عن ربه يمنعه عن أن يؤثر شيئا على رضاه، أو يترك للأمور الدنية خدمة مولاه. والرزانة تصير وسيلة إلى المداومة على الخيرات، والمداومة على الخيرات توجب تأييد الله تعالى لان يكره الشرور، فإذا صار محبا للخير كارها للشر يطيع كل ناصح يدله على الخير الذي يحبه، أو يزجره عن الشر الذي يكرهه وأما ما يتشعب من الحلم فتشعبها منه يظهر بأدنى تأمل.
وبسط القول فيها يوجب الاطناب. والضعة بحسب الدنيا. والخساسة ما كان بسبب الأخلاق الذميمة. والمهل أي تأخير العقوبة وعدم المبادرة بالانتقام.
وأما ما يتشعب من العلم فالغنى. أي غنى النفس وإن كان فقيرا بلا مال، و يحتمل أيضا الغنى بالمال وإن كان قبل العلم فقيرا. والجود أي يجود بالحقائق على الخلق وإن كان بخيلا في المال إما لعدمه أو لبخله، أو المراد أن العلم يصير سببا لجودة بالمال والعلم وغيرهما وإن كان قبل اتصافه بالعلم بخيلا. وتحصل له المهابة، وإن كان بحسب ما يصير بحسب الدنيا سببا لها هينا لعدم شرف دنيوي و حسب ونسب ومال، لكن بالعلم يلقي الله مهابته في قلوب العباد، وإن كان قبل العلم هينا حقيرا، والسلامة من العيوب وإن كان في بدنه سقيما، أو العلم يصير سببا لشفاءه عن الأسقام الجسمانية والروحانية. والقرب من الله وإن كان قصيا أي بعيدا عن كرام