القيامة على الذين يظلمون الناس وما على المحسنين من سبيل. وإذا أتاك وقال لك:
ما أكثر إحسانك!؟ يريد أن يدخلك العجب، فقل: إساءتي أكثر من إحساني. وإذا أتاك فقال لك: ما أكثر صلاتك!؟ فقل: غفلتي أكثر من صلاتي. وإذا قال لك: كم تعطي الناس؟ فقل: ما آخذ أكثر مما أعطي. وإذا قال لك: ما أكثر من يظلمك!؟ فقل:
من ظلمته أكثر. وإذا أتاك فقال لك: كم تعمل؟ فقل طال ما عصيت. إن الله تبارك وتعالى لما خلق السفلى فخرت وزخرت (1) وقالت: أي شئ يغلبني؟ فخلق الأرض فسطحها على ظهرها فذلت، ثم إن الأرض فخرت وقالت: أي شئ يغلبني؟ فخلق الله الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد (2) بها عليها فذلت الأرض واستقرت ثم إن الجبال فخرت على الأرض فشمخت (3) واستطالت وقالت أي شئ يغلبني؟
فخلق الحديد فقطعها فذلت، ثم إن الحديد فخر على الجبال وقال: أي شئ يغلبني؟
فخلق النار فأذابت الحديد فذل الحديد، ثم إن النار زفرت (4) وشهقت (5) وفخرت وقالت: أي شئ يغلبني؟ فخلق الماء فأطفأها فذلت، ثم الماء فخر وزخر وقال:
أي شئ يغلبني؟ فخلق الريح فحركت أمواجه وأثارت ما في قعره، وحبسته عن مجاريه فذل الماء، ثم إن الريح فخرت وعصفت وقالت: أي شئ يغلبني؟ فخلق الانسان فبنى واحتال ما يستتر به من الريح وغيرها فذلت الريح، ثم إن الانسان طغى وقال: من أشد مني قوة؟ فخلق الموت فقهره فذل الانسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عز وجل: لا تفخر، فإني ذابحك (6) بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار ثم لا أحييك أبدا فخاف. ثم قال: والحلم يغلب الغضب، والرحمة تغلب السخط، والصدقة تغلب الخطيئة.