والآخرين الذي أودع الله رسوله (1) لكان من حقك أن تكون ارزن من كل شئ، فكيف كان حالك وحال ثابت؟ قال: يا رسول الله! صرت إلى قرار البئر واستقررت قائما، وكان ذلك أسهل على واخف على رجلي من خطاي التي أخطوها رويدا رويدا.
ثم جاء ثابت فانحدر فوقع على يدي، وقد بسطتها له، فخشيت ان يضرني سقوطه على أو يضره، فما كان الا كباقة ريحان تناولتها بيدي، ثم نظرت فإذا ذلك المنافق ومعه آخران على شفير البئر، وهو يقول لهما: أردنا واحدا فصار اثنين! فجاؤوا بصخرة فيها مائتا (2) من فأرسلوها علينا فخشيت ان تصيب ثابتا فاحتضنته، وجعلت رأسه إلى صدري، وانحنيت عليه، فوقعت الصخرة على مؤخر رأسي، فما كانت الا كترويحة مروحة تروحت بها في حمارة القيظ.
ثم جاؤوا بصخرة أخرى قدر ثلاثمائة من فأرسلوها علينا، فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي، فكان كماء صببته على رأسي وبدني في يوم شديد الحر.
ثم جاؤوا بصخرة ثالثة فيها قدر خمسمائة من، يديرونها على الأرض لا يمكنهم ان يقلبوها، فأرسلوها علينا، فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي وظهري، فكانت كثوب ناعم صببته (3) على بدني ولبسته، فتنعمت به، فسمعتهم (4) يقولون: لو أن لابن أبي طالب وابن قيس مائة الف روح ما نجت واحدة منها من بلاء هذه الصخور.
ثم انصرفوا، فدفع الله عنا شرهم، فاذن الله لشفير البئر فانحط، ولقرار البئر قد ارتفع، فاستوى القرار والشفير بعد بالأرض، فخطونا وخرجنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن ان الله عز وجل