وأصبح النبي صلى الله عليه وآله، وصلى بالناس الغداة، وجاء وجلس على الصفا، وحف به أصحابه، وتأخر أمير المؤمنين عليه السلام، وارتفع النهار، وأكثر الناس الكلام، إلى أن زالت الشمس، وقالوا ان الجني احتال على النبي صلى الله عليه وآله، وقد أراحنا الله من أبى تراب، وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا، وأكثروا الكلام إلى أن صلى النبي صلى الله عليه وآله صلاة الأولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا، وما زال يحدث أصحابه إلى أن وجبت صلاة العصر، وأكثر القوم الكلام وأظهروا الياس من أمير المؤمنين عليه السلام فصلى النبي صلى الله عليه وآله، وجاء وجلس على الصفا واظهر الفكر في أمير المؤمنين عليه السلام وظهرت شماتة المنافقين بأمير المؤمنين، وكادت الشمس تغرب.
فتيقن القوم انه قد هلك، وإذا قد انشق الصفا، وطلع أمير المؤمنين منه وسيفه يقطر دما، ودمعه عطرفة (1)، فقام إليه النبي صلى الله عليه وآله، وقبل ما بين عينيه وجبينه، وقال له: ما الذي حبسك عنى إلى هذا الوقت؟
فقال عليه السلام: صرت إلى جن كثير قد بغوا على عطرفة، وقومه من المنافقين، فدعوتهم إلى ثلاث خصال، فأبوا على، وذلك انى دعوتهم إلى الايمان بالله، والاقرار بنبوتك ورسالتك، فأبوا، فدعوتهم إلى أداء الجزية، فأبوا، فسألتهم ان يصالحوا عطرفة وقومه، فيكون بعض المرعى لعطرفة وقومه، وكذلك الماء، فأبوا ذلك كله، فوضعت سيفي فيهم، وقتلت منهم زهاء (2) ثمانين ألفا.
فلما نظروا إلى ما حل بهم، طلبوا الأمان والصلح، ثم آمنوا وصاروا اخوانا (3) وزال الخلاف، وما زلت معهم إلى الساعة، فقال عطرفة: يا