فطرت والله بنعمائها (1)، وفزت بحبائها (2)، وأحرزت سوابفها، وذهبت بفضائلها، لم تفل حجتك (3)، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، ولم تخن (4).
كنت كالجبل لا تحركه العواصف (5)، وكنت كما قال صلى الله عليه وآله: امن الناس في صحبتك وذات يدك.
وكنت كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ضعيفا في بدنك، قويا في امر الله متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لا حد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز (6)، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة (7)، الضعيف الذليل عندك قوى عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوى العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء: شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، واعتدال بك الدين وقوى بك الاسلام، وظهر امر الله ولو كره الكافرون، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سيفا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام فانا لله وانا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله امره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك ابدا.