فاجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد، فنظرت إلى أبى محمد عبد الرحمن بن عوف، وقد اعتجر (1) بريطة، وقد اختلفوا. وكثرت المناجزة (2) إذ جاء أبو الحسن عليه السلام بأبى هو وأمي، قال: فلما بصروا بأبى الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سر القوم طرا، فأنشأ علي عليه السلام يقول:
إن أحسن ما ابتدأ به المبتدئون، ونطق به الناطقون، وتفوه به القائلون، حمد الله وثناء الله بما هو أهله، والصلاة على النبي محمد وآله، الحمد لله المتفرد بدوام البقاء، والمتوجد بالملك، الذي له الفخر والمجد والثناء (خضعت له الآلهة بحاله، ووجلت القلوب من مخافته، فلا عدل له ولا ند، ولا يشبهه أحد من خلقه، ونشهد له بما شهد لنفسه، وأولوا العلم من خلقه، أن لا إله إلا الله، ليس له صفة ولا حد يضرب له الأمثال، المدر صوب الغمام.
وساق الخطبة في الثناء على الله جل جلاله بما هو أهله إلى أن قال عليه السلام: وسبحان الذي ليس لصفته نعمت موجود، ولا حد محدود، ونشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده المرتضى، ونبيه المصطفى، ورسوله المجتبى، أرسله الله إلينا كافة، والناس أهل عبادة الأوثان وجميع الضلالة، يسفكون دمائهم، ويقتلون أولادهم، ويخيفون سبيلهم، غشاهم الظلم وأمنهم الخوف وعزهم الذل مع عنجهية (3) وعمياء وحمية، حتى استنقذنا الله بمحمد صلى الله عليه وآله من الضلالة، وهدانا من الجهالة، وأنشأنا بمحمد صلى الله عليه وآله من الهلكة.
ونحن معشر العرب أضيق الأمم معاشا وأخشنهم رياشا، جعل طعامنا الهبيد (4) ولباسنا الوبر والجلود، مع عبادة الأوثان والنيران، فهدانا الله بمحمد صلى الله عليه وآله إلى صالح الأديان، ثم أنقذنا من عبادة الأوثان، بعد