النفاق، محنة لهذا العالم، لحق قبل أن يلاحق وبرز قبل أن يسابق، جمع العلم والحلم والفهم، فكان جميع الخيرات لقلبه كنوزا لا يدخر منها مثقال ذرة إلا أنفقه في بابه، فمن ذا يأمل (1) أن ينال درجته؟ وقد جعله الله ورسوله للمؤمنين وليا، وللنبي صلى الله عليه وآله وصيا، وللخلافة راعيا، وبالإمامة قائما، أفيغتر (2) بمقام قمته إذ أقامني وأطعته إذ أمرني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الحق مع علي عليه السلام وعلى مع الحق من أطاع عليا رشد، ومن عصى عليا فسد، ومن أحبه سعد، ومن أبغضه شقى.
والله لو لم نحب ابن أبي طالب إلا لأجل أنه لم يواقع لله محرما، ولا عبد من دونه صنما، ولحاجة الناس إليه بعد نبيهم لكان في ذلك ما يجب، فكيف لأسباب أقلها موجب، أهونها مرغب، له الرحم المماسة (3) بالرسول، والعلم بالدقيق والجليل، والرضا بالصبر الجميل، والمواساة في الكثير والقليل، وخلال لا يبلغ عدها ولا يدرك مجدها، ود المتمنون أن لو كانوا تراب أقدام ابن أبي طالب عليه السلام أليس هو صاحب لواء الحمد؟ والساقي يوم الورود جامع كل كرم، وعالم كل علم، والوسيلة إلى الله وإلى رسوله (4).