أمير المؤمنين عليه السلام طويلا ساكتا ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حفه تبذير وإسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا، فهو يضيعه عند الله عز وجل، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن بقي معه من يوده ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل (1) فاحتاج إلى معونته أو مكافاته فشر خليل وألام خدين (2).
ومن صنع المعروف فيما آتاه الله فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني، وليعن به الغرام، وابن السبيل والفقراء والمجاهدين في سبيل الله، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة (3).
3 - ابن بابويه في " أماليه " حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام، قال:
كان عليه السلام كل بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان، وكانت تسمى السبيبة (4) فيقف سوقا (5) وسوقا فينادى يا معشر التجار قدموا الاستخارة (6)، وتبركوا بالسهولة،