الصفين والسهام تتساقط حوله، وهو لا يلتفت عن ربه، ولا يغير عادته.
وكان إذا توجه إلى الله تعالى بكليته وانقطع نظره عن الدنيا وما فيها، حتى أنه لا يبقى يدرك الألم لأنهم كانوا إذا أرادوا اخراج الحديد والنشاب من جسده الشريف تركوه حتى يصلى فإذا اشتغل بالصلاة واقبل على الله أخرجوا الحديد من جسده ولم يحس به، فإذا فرغ من صلاته يرى ذلك، فيقول لولده الحسن عليه السلام: ان هي الا فعلتك يا حسن، ولم يترك صلاة الليل قط في ليلة الهرير، وكان عليه السلام يوما في حرب صفين مشتغلا بالحرب والقتال، وهو مع ذلك بين الصفين يراقب الشمس، فقال له ابن عباس: وهل هذا وقت صلاة؟ وان عندنا لشغلا بالقتال عن الصلاة، فقال عليه السلام: على ما نقاتلهم، إنما نقاتلهم على الصلاة.
وبالجملة ان العبادات فقد اتى بها جميعا، وبلغ الغاية القصوى في كل واحدة منها، ومقاماته الحميدة في التهجد، والخشوع والخوف من الله تعالى لم يسبقه إليها سوى رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أنه عليه السلام قال:
الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنة فان الجنة فيها رضى نفسي، والجامع فيها رضى ربى (1): انتهى كلامه رفع مقامه.