فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٨٤
لسلطان العالمين، فالذنب كان لهم دون الاستخارات، وذاك أنهم كانوا يستخيرون على سبيل التجارب، لينظروا هل يظفرون بالمرادات أم لا يظفرون بذلك (بطلان ما ورد في الاستخارة من الروايات) (١) وبان أنهم كانوا يفعلون ذلك على سبيل التجارب دون اليقين والتفويض إلى الله جل جلاله في تدبير العواقب، وتوقفهم عنها، ونفورهم منها، ورجوعهم عن الله جل جلاله فيما أشار به عليهم فيما زعموا أنهم استخاروا الله جل جلاله فيه، وفوضوا إلى مراضيه، ولو كانوا على يقين من استخارتهم، كانوا قد قنعوا بتدبير الله، فهو أعلم بمصلحتهم في دنياهم وآخرتهم.
فصل:
وما يخفى على أهل البصائر أن الذي يستخير الله جل جلاله على سبيل التجربة، فإنه يكون سئ الظن بالله عز وجل، أو سئ الظن بالرواية عن الله، بل لعله (٢) كان سئ الظن بالرواية قام (٣) وصلى صلاة الاستخارة، وكلاهما يمنع من الاستخارة، فإنه لو حسن ظنه، أو قوي يقينه بالله جل جلاله، رضي بتدبيره في كل إشارة، والله جل جلاله يقول: ﴿يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية﴾ (٤) ﴿الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء﴾ (5) فمن يستخير على سبيل التجارب، ولا يكون مفوضا إلى الله جل جلاله العالم بالعواقب، فقد أساء الظن بالله، فإنه مطلع على سره، (وما قدروا الله حق قدره) (6) والمستخير على هذه الصفات أقرب إلى الهلاك والنقمات من أنه يظفر

(١) الظاهر أن هذه العبارة مقحمة في غير محلها، فلاحظ.
(٢) في " د " و " م " زيادة: لو.
(٣) في " د " و " ش ": ما قام.
(٤) آل عمران ٣: ١٥٤.
(٥) الفتح ٤٨: 6.
(6) الانعام 6: 91.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»