يسد الباب على الذي يعمل بترجيح الخاطر، ويبقى على صفة حائر، وهذا جواب قاهر، وإذا استخار بالست الرقاع عرف ذلك كما سيأتي شرحه على وجه باهر.
الوجه الثاني: إن الذي يعمل على ترجيح خاطره كيف يصنع إذا كان الفعل أرجع من الترك، أو الترك أرجح من الفعل، وهما جميعا (١) خيرة وصواب؟ فعساه أن يقول: أنظر أرجح الخاطرين فأعمل بهذا الباب، قلت: كذا يعمل هو، ولكن ما ندري الخاطر المرجوح الذي عدل عنه هل هو منهي عنه بالكلية؟ أو هل هو خيرة؟ وإن كان الخاطر الراجح أرجح منه، وهذا لا جواب أيضا عنه، والذي يستخير بالست الرقاع يتفهم له ذلك كما سيأتي كشفنا عنه (٢).
الوجه الثالث: إن الانسان بين عقله ونفسه، وبين هواء وبين طبعه، وبين الشيطان وبين ما يميل إليه، لوافقه الناس ولوافقه الحياة الدنيا، (٣) فكيف يعلم يقينا أن هذا الخاطر المترجح من جانب الله تعالى جل جلاله دون النفس والهوى والطبع والشيطان والميل إلى الناس والى الحياة الدنيا؟ وهذا لا يعلمه إلا من يفرق بين صفات هذه الخواطر، والعبد يعلم (٤) من نفسه ضعفه عن هذا المقام الباهر، ولعله يقول: متى رجح خاطره علم أنه من الله عز وجل على اليقين. فأقول: هذا يقوله من يعرف أن ما بينه وبين الله جل جلاله ذنب كالمعصومين، وإما أمثالنا فكيف يأمن الله والله جل جلاله يقول له ﴿فلا يأمن مكر الله إلا الخاسرون﴾ (5) ويقول جل جلاله عمن أخلفه في